تحية وفاء لـ رشيدة ودلال المغربي، سيدات هذا الزمان

تحية وفاء لـ رشيدة ودلال المغربي، سيدات هذا الزمان

أنا العبد لله إنسان بسيط ، ولا يوجد في حياتي الكثير من الأمور التي تستحق الذكر بإستثناء أمر واحد يشعرني بالإعتزاز والفخر،
لا أقلل من قيمة ما نشره أو كتبه الأجاويد ولكني أسطر هذه الكلمات لأُذكِر أمتنا الأبية بأن من عرف رشيدة ودلال حقيقةً، رأى روحهن، الأجمل بكثير مما قد تجود به الأقلام، وأجد أن من واجبي أن أجتهد لتسليط الضوء على بعض من جوانب حياتهن.
عندما كن طفلتين، كانت ضحكات رشيدة ودلال ترن في الأرجاء كزقزقة العصاقير الطليقة التي تشعرك بالسعادة، وحتى عندما يكن هادئات، كانت إبتساماتهن كالشمس المشرقة التي تعطيك إحساساً بالدفء.

كن قد نشأتا في كنف والدين صالحين كما ينشأ أي من الأطفال ولم يكن يعوزهن شيئ، إذ إهتم والدهن بتوفير حياة لا بأس بها لهن كما لكافة أفراد أسرته.
لم ينقص رشيدة أو دلال الإيمان وحب الله جلّ وعلا مع أنهن لم يكن يرتدين الحجاب. فالصحوة الإسلامية المباركة التي نشهدها منذ سنوات لم تكن موجودة حينها.
مع ذلك، كن يجتهدن كي يرضين الله جلَّ وعلا، والجميع كان يشهد على نبل أخلاقهن، صدقهن، حبهن لفعل الخير حتى في تلك السن المبكرة، وتواضعهن، وأكثر ما كان يطمئن قلوبهن البريئة ويشفع لهن قناعتهن بأن "حب الوطن من الإيمان" كما كن يرددن.
كانت رشيدة تكبر دلال بعام، ولعل غياب فارق السن بينهما كان أحد الأسباب التي جعلتهن منذ طفولتهن أختان متقاربتان قلباً وروحاً وصديقتان حميمتان، ولأن قلبيهما وأفكارهما التقيا عبر السنين في كل شيء، كانتا توأم روح لبعضيهما، وتعاهدتا على الوفاء ولأن تكون فلسطين أسمى غاياتهن.
عندما بدأ حلم العودة إلى الوطن السليب يسيطر على وجدان رشيدة، بدأت تقطع النهار بين المدرسة ومستشفى القدس، ثم مستشفى غزة وحيفا حيث كانت تتدرب، وتعالج المرضى والجرحى، وبين مكاتب حركة التحرير الوطني الفلسطيني 'فتح'، حيث كانت تتلقى الدورات الأمنية والعسكرية. أما في الليل كانت رشيدة تجِدّ، لمراجعة دروسها ولإتمام فروضها المدرسية. وإستمرت على ذاك الحال لأكثر من عامين، لم تتوقف دلال خلالهما من مطالبتها لأختها رشيدة كي توافق على مرافقتها لها وهكذا، حيثما كانت رشيدة بدأت تتواجد دلال.
في ربيع عام 1975، قررت الأختان أن يكون عرس رشيدة وخطوبة دلال بذات الوقت وكان لهن ذلك. أما رشيدة فلم يدم على زفافها أسبوع حتى عادت إلى منزل ذويها لأنها لم تعرف كيف تطوع ميولها الثورية، وازعجت حماتها عندما سألتها 'لماذا' بدل من أن تجيبها 'حاضر'، وتلتها دلال بفسخ خطوبتها عندما خُيرت ما بين الثورة أو الزوج.
حين إشتدت حرب السبعينيات في لبنان، كانت رشيدة إلى جانب إخوانها من مقاتلي حركة فتح تدافع عن الثورة الفلسطينية، وأصيبت خلال المعارك التي خاضتها ثلاث مرات، إثنتان من تلك كانت بليغة جداً. لكن، لا الإصابات أو أي كان إستطاع أن يثنيها عن مواصلة القتال.

عند ذلك، سرعان ما أصرت دلال على المشاركة في معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية إلى جانب أختها رشيدة، قبل أن تنضم إلى الكتيبة الطلابية لحركة فتح، ومن ثم للتدرب على العمليات النوعية التي قادها خليل الوزير 'أبو جهاد'.


واستيقظ العالم فجر الثاني عشر من شهر آذار من عام 1978 على وقع المعركة التي هزت كيان العدو الصهيوني وأبقته مرتعشاً بعدها ليال طوال.
كانت أخبار العملية البطولية قد بدأت تصلنا ليل الحادي عشر من ذات الشهر، لكن ما أن توافرت تفاصيلها حتى كدنا نهُب على أقدامنا وثباً، كيف لا وقد كنا سمعنا عن فتيات قمن بأعمال بطولية، لكننا لم نسمع يوماً عن فتاة قادت جيشاً مكوناً من إثنا عشرة رجلاً، وصلت به إلى قلب الكيان الغاصب لتعلن جمهوريتها هناك، ولترفع علم فلسطين في عمق دولة الإحتلال، ولتشتبك معه بمعركة لم ولم تجري يوماً إلا بين جيشين، وقد إستخدم العدو في تلك المعركة إلى جانب جيشه أسلحته الجوية كما الأرضية، وتكبّد خسائر فادحة ومع ذلك، لم يتمكن من الإنتصار على جيش دلال إلا بعد قصف جمهوريتها بكل من فيها ومن ضمنهم مواطنيه.
وبذلك كانت العملية التي نفذتها مجموعة دير ياسين بقيادة الشهيدة البطلة دلال المغربي أكبر العمليات التي تم تنفيذها ضد العدو الصهيوني.
هذا وقد تركت الشهيدة دلال المغربي وصية موقعة بخط يدها تطلب فيها من إخوتها ... 'حملة البنادق، تجميد التناقضات الثانوية وتصعيد التناقض الرئيسي ضد العدو الصهيوني وتوجيه البنادق، كل البنادق نحوه... واستمروا وصونوا الوصية وتحرير كامل الوطن المحتل دون مساومة على أي شبر من الأرض العربية وأن يضربوا العدو الصهيوني حتى تحرير كامل التراب الوطني'.
وستبقى شجاعة دلال أنموذجاً مشعاً ينير الطريق لمن يرفضون العيش بين الحفر.

بعد تلك العملية البطولية بأسبوع، قام مندوب من الصليب الأحمر الدولي برفقة وفد من منظمة التحرير الفلسطينية بزيارة والد الشهيدة دلال المغربي، وكانت رشيدة تجلس بجانب والدها عندما سألوه إن أراد المطالبة بجثمان دلال. حينها سارعت رشيدة بالهمس لوالدها أن رغبة دلال هي أن تدفن في فلسطين، وكان ذلك ما ردده الوالد للوفد الذي طمئنه ووعد بأن يتم دفنها في مقبرة المسجد الأقصى المبارك دون تأخير.
إفتقدت رشيدة بعد ذلك وانقضت أسابيع قبل أن أجرؤ على سؤال أخيها عن سبب غيابها. الكل كان يجهل رشيدة، فكيف كان لنا أن نعرف مكانها قبل أن يذاع في الأخبار عن تفجير في إحدى الدول الغربية وإعتقال فتاة في العشرينيات من العمر على إثره.
تعهّد المحققون بأن لا تتلقى رشيدة أكثر من ثلاث سنوات إن هي إعترفت على رفيقها بالعملية، لكنها رفضت الإعتراف وكذّبت الأدلة التي كانت لديهم ضده فتمت تبرأته، وحُكم عليها بالسجن إثنا عشر سنة في غياهب المعتقلات التي لم تكن بأي حال من الأحوال حضارية، بل وذاقت فيها رشيدة إلى جانب سوء المعاملة، التعذيب المُريع والمُحرم دولياً.
لكن إرادة رشيدة كانت أصلب بكثير من أن ي*رها الجلاد، وصمدت حتى بعدما أجبرت على قضاء فترة أطول من المدة القانونية كعقاب إضافي، قبل أن يتم ترحيلها من داخل السجن إلى خارج تلك البلاد.

وعادت رشيدة بعد ذلك لبذل ما في جهدها للعودة إلى وطنها، وتحملت كافة المهام والمسؤوليات التي أوكلت إليها بكل أمانة وتفان. شاركت بالعديد من النشاطات وكانت
عضو فعّال في المؤتمر العام الخامس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني 'فتح'، وامتثلت كعادتها لأوامر ياسر عرفات فكانت أول إمرأة تطأ قدماها إحدى مناطق النزاع، وأول إمرأة تتلقى التدريبات على الراجمات والأسلحة الثقيلة بين مجموع الرجال.
بعد توقيع إتفاقية أوسلوا، صُعِقت رشيدة المغربي عند إخبارها بأن جثمان دلال كان لا يزال حتى ذلك الحين محتجزاً في الثلاجات لدى المحتلين، وبأنه قد تم نقله بعد إبرام الإتفاقية
إلى مقبرة الأرقام.
حينها سارعت رشيدة للقاء الرئيس ياسر عرفات، ورجته المطالبة بجثمان دلال ودفنها كما تستحق ويليق. فوعدها الرئيس عرفات بأن تقام جنازة رسمية لدلال فور إعلان الدولة
على أرض فلسطين.

مع إقتراب موعد توجه الرئيس ياسر عرفات إلى فلسطين في الربع الأول من عام 1994، جاء أمره بنقل رشيدة المغربي إلى تونس لترافقه في رحلة العودة، وهي لا تزال هناك إلى الآن متمسكة بمبادئها، وفيَّة لعهدها، وبإنتظار العودة التي لم تتحقق بعد.
عندما كانت تجري المفاوضات لإبرام صفقة تبادل الأسرى عام 2004، التي تم على إثرها إطلاق سراح الشيخين الجليلين عبيد والديراني، وجهت الأخت رشيدة المغربي رسالة لسماحة السيد حسن نصر الله تأمل منه شمل جثمان دلال في تلك الصفقة، لكن ثلاثون عاماً من السجن بعد الإستشهاد مرت ولم تحظى دلال بقبر بعد. وجاء الأمل مع بدء تنفيذ عملية تبادل الأسرى التي أبرمها ح** الله، حين صرّح السيد حسن نصر الله أن جثمان الشهيدة دلال المغربي من ضمن العملية، ثم تناقضت الأخبار ما بين تسلّم جثمانها أو ما تبقى منه، وبين إستمرار إحتجازها في مقبرة الأرقام، أو بقائها إلى يومنا هذا في الثلاجة بزيها العسكري الذي كانت ترتديه حين استشهدت.
وسواء كان الأمر على ذاك النحو أو ذاك، ما لا شك فيه هو أن الأوان قد حان لجسدها الطاهر أو ما تبقى منه أن يستريح ويجد الاستقرار في مقبرة معروفة، وإن كان هناك من يريدون إبقائها رهينة، فذلك لأنهم يعرفون جيداً ما تمثله دلال للعديد من الفلسطينيين واللبنانيين والعرب من دلالة للعزة والكرامة، وإن تغافل الكثيرين أو تظاهروا عدم إدراك الأمر فكلتا الحالتين مصيبة،

وإن كانت دلال المغربي في مقبرة الأرقام أم في الثلاجة، ستنتظر رشيدة كي تدفن أختها ورفيقة دربها ولن تمل الإنتظار، وسيبقى هناك جانباً من الحياة لا يمكن إستبداله ولو بكنوز الأرض مجتمعة، وسيبقى هناك الأوفياء للأخت رشيدة ولقمر الإستشهاديات، البطلة دلال.

[color:ae60=brown][b]منتصب القامة امشي
مرفوع الهامة امشي
في كفي قصفة زيتون
وعلى كتفي نعشي
وانا امشي ونا امشي



[color:ae60=blue]يسلموووو

أامير الجنوب[/color]
[/b][/color]

وللعذوبة كلمه يتواجد هنا بين صفحاتي

ما اجمله من حظور هذا انت

كاعادتك وضعت بصمتك الرائعه

والذي تنير صفحتي وتشرق الصفحه لاتصبح ذات جمال

وذات رووعه
يسلموووو علي طلاتك

يسلموووووووووووووووو

كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ ..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ ..
دائما متميز في الانتقاء
سلمت على روعه طرحك
شكرا علي طلتك

يسلموووو امير الجنوب
الله يرحمهن
يجعل مثواهن ا الجنة

وللعذوبة كلمه يتواجد هنا بين صفحاتي

ما اجمله من حظور هذا انت

كاعادتك وضعت بصمتك الرائعه

والذي تنير صفحتي وتشرق الصفحه لاتصبح ذات جمال

وذات رووعه
يسلموووو علي طلاتك

اها يسلموووووووو

روعة جداً ما كتبته
واحساسك فاق كل الروائع
لم استطيع سوى كتابة تلك الكلمات البسيطة جداً
فتقبل مروري ببساطته
وكل عيد وانت بحب الله يرحمهم

[color:e6e3=brown][b]منتصب القامة امشي
مرفوع الهامة امشي
في كفي قصفة زيتون
وعلى كتفي نعشي
وانا امشي ونا امشي



[color:e6e3=blue]يسلموووو

أامير الجنوب[/color]
[/b][/color]

يسلمووو

دمت دوما متالق

تحياتي