[color:4a1e=green][size=18]وأخيراً.. رضخت اسرائيل لصـفـقـة تبادل الاسـرى!! * عبدالله محمد القاق
... بعد مفاوضات شاقة ومضنية استمرت اكثر من اربع سنوات شابها نوع من التردد والرفض والغموض من الجانب الاسرائيلي، تمت صفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحركة حماس وفق الشروط التي طرحتها حركة المقومة الفلسطينية في السابق بحيث تشمل كل الاسرى الذين حكموا بالمؤبد، وقيادات فلسطينية فتحاوية وحمساوية ومن عرب الثمانية والاربعين المحتلة ومن مدينة القدس، تلك المباحثات والمفاوضات غير المباشرة والتي قامت بها مصر وتكللت بالنجاح التام، وهذه الصفقة الناجحة التي تضم “1027” من القيادات السياسية، وجميع النساء والاطفال والمرضى وكبار السن بالاضافة الى القيادي مروان البرغوثي من فتح والقيادي احمد سعدات الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعبدالله البرغوثي الذي حكم عليه بحوالي “470” عاماً، تمثل خطوة ناجحة وجريئة للاصرار الفلسطيني على اطلاق سراح جلعاد شاليط الذي تم أسره وهو يقاتل الفلسطينيين في عملية “الوهم المتبدد”. تلك الصفقة التي شهدت تعنتاً ورفضا ومقاومة اسرائيلية لم تشهد لها مثيلاً، من قبل غير أن قدرة المفاوض الفلسطيني ودعمه لدور المفاوض المصري عبر الوسيط الالماني ؟أسهم في اقناع اسرائيل أن “حماس” نفسها طول بالمفاوضات وانها لن ترضخ، لأي سبب للافراج عن هذا “القاتل” الذي لم تدخر الولايات المتحدة جهداً الا وسخرت امكاناتها مع الدول الاوروبية وخاصة فرنسا من أجل المطالبة باطلاق سراح هذا الاسير، في حين ان هناك احد عشر الف أسير في السجون الاسرائيلية ويعانون الكثير من المعاناة والاضرابات في حملة “الامعاء الخاوية” ولم يتحرك المجتمع الدولي او لجان حقوق الانسان بشانهم بالرغم من أنهم ساموا المعاناة والعذابات والقمع والاضطهاد وعدم تقديم ابسط الحقوق الانسانية لهم في حين ان “شاليط” كان تقدم له كل وسائل الراحة والصحف والاكل والشرب، بانتظام، وكلَّف احتجازه حركة المقاومة الفلسطينية حماس منذ احتجازه حتى يومنا هذا حوالي 500 شهد وآلاف الجرحى فضلاً عن تدمير البنية التحتية والمنازل في غزة وهدم المؤسسات الأممية في القطاع فضلاً عن الحصار الجائر الذي تشهده غزة والضفة الغربية!
فنجاح هذه الصفقة وان كانت قياد حماس لعبت دوراً رئيساً في تحقيقها، فان هذا الانجاز يعتبر نصراً للفلسطينيين في مختلف القطاعات والمناطق، والفصائل، لأنه انجاز وطني يجيء في ضوء المعركة ا لتي تقوم بها السلطة الفلسطينية للاعتراف بالدولة في الامم المتحدة في الايام القليلة المقبلة بعد ان مهدت “اليونسكو” للاعتراف بعضويتها في هذه المنظمة الدولية عن طريق موافقة اربعين دولة من اصل 58 لعضويتها في اليونسكو بالرغم من الدور الذي لعبته اسرائيل والولايات المتحدة لابعاد السلطة عن هذه المنظمة التي طالما انتقدت موقف اسرائيل لاستيلائها على التراث الفلسطيني والحضارة التي تشهدها في مختلف المجالات بسرقة الاثار والمقتنيات العريقة في الاثار وغير ذلك من الفسيفساء التاريخية والنادرة والتي سرقتها سواء من المتاحف او مواقع الاثار المختلفة في الضفة الغربية، وفي القدس وخاصة من سلوان التي يعاني اهلها الكثير جراء سياسة البطش والسرقة والقمع والغطرسة الاسرائيلية على مدى سني الاحتلال.
وهذه الصفقة التي تعتبر الثالثة التي تتم بين المقاومة الفلسطينية مرتين، ومع ح** الله مرة واحدة تعتبر انجازاً وانتصاراً تاريخيين للمقاومة الفلسطينية واللبنانية على الاحتلال، الذي كان يرفض هذه المبادلة منذ احتجاز شاليط في 25 حزيران 2006، خاصة وانها ستتم على مرحلتين تستهدف الاولى نقل المحتجز شاليط الى القاهرة او المانيا مع الافراج عن حوالي 500 اسير من ذوي الاحكام العالية بينهم تسعة مما كانت ترفض تل أبيب اطلاق سراهم، فيما تتضمن المرحلة الثانية 527 اسيراً، وهذا يعني ان هذه المفاوضات التي شملت 120 جولة بوساطات متعددة أغلبها عبر الوسيط الالماني، قد نجحت، بعد ان تم تعطيل هذه الصفة في عهد اولمرت لكون نتنياهو “المعارض” آنذاك والذي كان يرى في مثل هذه الصفقة تنازلاً مؤلماً من اسرائيل للفلسطينيين، في حين انه قام بالتوقيع على هذه الصفقة دون تغيير بل انها تعتبر صفعة لسياسته، وتأكيداً على الموقف الفلسطيني المقاوم ضد الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية، وهو ما وصفه السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “بأنه نصر للمقاومة، وتحقيق لتوجهات الفلسطينيين الذين لم يرضخوا للشروط الاسرائيلية” و هذا النهج يمثل خطوة جادة نحو الميد من انتزاع الحقوق الفلسطينية من اسرائيل، وانهاء ملف الاسرى خاصة وانه يصب في الحصول على هذه الثوابت والحقوق التاريخية، لانه كما قال خالد مشعل “ان من يفرج عن الف اسير، سيفرج عن ثمانية آلاف اخرين.. وسنضع كل ما نستطيع ونعمل المستحيل من اجل الافراج عن اسرانا كافة”.
واذا كان نتنياهو يؤكد ان مباحثات هذه الصفقة كانت صعبة للغاية، وتمت لأهميتها بعد انتهاء اليوم الاول من “عيد العرش” الاسرائيلي فلكونه يعتبر قضية الجندي المجرم قضية وطنية من الدرجة الاولى، ولا تنطبق عليه صفة “أسير حرب” لانه لا توجد اتفاقية بين المنظمات الدولية وحماس من اجل تبادل الاسرى في هذه المرحلة الحساسة التي وصفتها حماس بأنها صفقة “وفاء الاحرار” لأنها استطاعت ان تفرج عن اسرى فلسطينيين ناضلوا وبكل تقدير ووفاء لقضيتهم الوطنية والتي لم يأبوا خلالها من المعاناة والاحكام الظالمة التي قضوها في السجون الاسرائيلية لاكثر من 34 عاماً!
والواقع ان ثورات الربيع العربي في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن وما يجري في سورية حالياً وسعي هؤلاء الثوار لتحثيق المزيد من الحرية والديمقراطية أسهم في انجاز هذه الصفقة لكونها أسهمت في الضغط على اسرائيل لصعوبة المرحلة المقبلة في الوطن العربي خاصة في مصر التي تسعى لبناء دولة قائمة على سيادة القانون والمساواة بين المواطنين وعلى نظام ديمقراطي وتصدي حقيقي يضمن للمواطن ممارسة حرياته وحقوقه الاساسية ويضع اسس العدالة الاجتماعية المطلوبة شعبياً ويسعى ايضا لتعزيز قوة المجتمع المدني ومنظماته الفاعلة ويحقق التداول السلمي للسلطة على خلفية عملية انتخابية تلتزم بمعايير النزاهة والشفافية. كما ان هذه الثورة أكدت على وجوب التخلص من الهيمنة الاميركية – الاسرائيلية على مصر في المطالبة باعادة النظر باتفاقية كامب ديفيد التي عقدت بين مصر واسرائيل عام 1979 والتي مثلت انتهاكاً لحقوق الشعب المصري، وهو ما دعا المتظاهرين في مصر الى المطالبة باعادة النظر بها والمطالبة بمنح الفلسطينيين حقوقهم كاملة ورفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر عن طريق رفح بعيداً عن التدخلات الاسرائيلية.
فالصفقة انجاز تاريخي وانتصار حقيقي للفلسطينيين كافة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها امتنا العربية والشعب الفلسطيني الذي يواجه الكثير من الضنك والمعاناة والغطرسة الاسرائيلية، على مختلف الصعد المحلية والعربية والدولية والأمل كبير ان تكون خطوة حاسمة وجريئة بغية اطلاق سراح كل الاسرى والمحتجزين في السجون الاسرائيلية!!.
[/size][/color]