فيما تشير كل التقديرات والدلائل على تورط رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون في اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات بالسم، نفى المدير العام الأسبق لديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، دوف فيغلاس، أن تكون إسرائيل وأذرعها الأمنية المختلفة أي علاقة بمقتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وقال إن كل ما ينشر من اتهامات في الصحافة الفلسطينية وغيرها من أن إسرائيل سممت عرفات هو عار عن الصحة تماما. وقال فيغلاس، الذي كان مدير عام ديوان أرييل شارون، رئيس الوزراء الأسبق، إن عرفات كان مكروها جدا في إسرائيل في السنوات الأخيرة من حياته، وإن إسرائيل نجحت في تقويض شرعيته في العالم الغربي. ولكن مسألة موته هي مسألة أخرى، لا علاقة لإسرائيل بها، بل بالع*، أضاف مدعيا، إن شارون حرص على عدم المساس به جسديا. يذكر أن الكثير من المقالات والتقارير نشرت في الصحافة الفلسطينية في الأيام الأخيرة بمناسبة مرور ست سنوات على وفاة عرفات، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، عادت لتوجه الاتهام إلى أجهزة الأمن الإسرائيلية بقتل الرئيس بواسطة تسميمه بطرق طبية حديثة. ونشر فيغلاس، المعروف بقربه الشديد من شارون خلال تلك الفترة (2001-2005)، مقالاً في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، استهله بالقول إن شارون كره عرفات واعتبره أسوأ أعداء إسرائيل، وإنه بذل جهودا جبارة لإقناع العالم عموما والإدارة الأميركية بشكل خاص بالضرورة الحيوية لإبعاده عن موقع النفوذ الفعلي في السلطة الفلسطينية. وأضاف أن شارون ورجاله حاولوا إقناع العالم أيضا بأن عرفات يدير ثقافة إرهاب ونظام عصابات إرهابية مسلحة ومول الإرهاب وشجع الفوضى، وأنهم زودوا الولايات المتحدة وغيرها بالكثير من الوثائق التي تدعم هذا الاتهام. وحسب فيغلاس، فإنه ما دام عرفات صاحب نفوذ كهذا في السلطة فإن عملية السلام لن تنجح.
وهذا النشاط أسفر عن تغيير موقف الولايات المتحدة وكان الدافع الرئيسي لتصريحات الرئيس جورج بوش في يونيو (حزيران) 2002 بأن «عملية السلام تحتاج إلى قائد فلسطيني مختلف»، ودعوة بوش لانتخاب قائد فلسطيني آخر، وفرضه مقاطعة أميركية على سلطة عرفات. وتابع فيغلاس قائلا إن شارون، ورغم قناعته بضرورة إبعاد عرفات عن القيادة، فإنه لم يسمح بالمساس الجسدي به. وكل الشائعات بأن إسرائيل هي المسؤولة عن موته هي «كذب شرير». وذكر أنه في سنة 2003، خلال الاجتياح الإسرائيلي لمقر الرئاسة (المقاطعة)، تم إلغاء عملية اقتحام مكاتبه بعد أن وصلت تقديرات تقول إن عملية كهذه يمكن أن تؤدي إلى المساس بعرفات جسديا. وراح المسؤول الإسرائيلي يصف كيف تعامل شارون مع عرفات في فترة مرضه، فكتب:«كنت موجودا في مكتب مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافير سولانا، في برو*ل عندما توجه الفلسطينيون يطلبون معرفة إذا ما كانت إسرائيل ستسمح بخروج عرفات للعلاج، في حين كانت المقاطعة محاصرة بالجنود الإسرائيليين. فاتصلت بشارون في بيته فوافق على الفور. ولكن الفلسطينيين طلبوا ضمانا بأن نسمح بعودته في انتهاء العلاج. فاتصلت بشارون، ولكنه هذه المرة تباطأ في إعطاء الجواب، فقد كانت نصيحة أجهزة الأمن الإسرائيلية بأنها ليست معنية برجوع عرفات كي لا يعود إلى تجواله في أوروبا ودول العالم محرضاً على إسرائيل. ولكن، عندها اتصل بي أحد كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية وقال لي ما يلي: مثلما تفشلون منذ 2000 سنة في إقناع العالم بأنكم لم تصلبوا المسيح، فإنكم ستنشغلون في الـ2000 سنة القادمة في إقناع العالم بأنكم لستم المسؤولين عن موت عرفات في حال عدم الموافقة على خروجه والعودة إلى رام الله. فاتصلت بشارون من جديد وأبلغته بما قاله المسؤول الفلسطيني، عندها قال لي: أبلغ سولانا بأننا سنسمح بذلك».